Friday, February 18, 2022

مراجعتي لثلاثية غرناطة ..

 

رواية ثلاثية غرناطة اصدار 1994

تأليف د رضوى عاشور استاذة الأدب  توفت 2014 مصرية - فلسطينية

العمل كمشروع ادبي يعتبر  جيد جدا يشعر بقيمته من يقرأ في التاريخ  .. وهو عمل صعب يحتاج مجهود .. لأنه عمل مبني على أركان مختلفة انصهرت معا كانها وحدة ..جانب تاريخي وهو متشعب ..معرفة بالاحداث كاماكن وكازمنة وربط الازمنة باعمار الشخصيات وتفصيل الشخصيات لتناسب التفاصيل وتتابعها ..تطلب زيارة للاماكن .. فمستحيل يكون هذا الوصف للازقة والمشرفيات والدور وطبيعتها المعمارية وتقاطعات الاحياء .. مستحيل يكون ذلك من وحي الخيال فلابد أديب يقف أمام الزقاق ويدون ما يراه بحسه الادبي .. وصف الشخصيات او رسمها جيد جدا وكأنها شخصيات حقيقية تم اسقاطها الى الرواية فالروائية عموما تجيد الوصف .. وتفصيل الشخصيات ووصف كل شخصية فالشخصيات مفصلة مهارة ادبية .. افلعمل كله تطلب تصميم هندسي قبل البدء وتحويله لعمل روائي .. بالنسبة للغة المستخدمة باستثناء استخدامها للعامية المصرية التي ليس لها علاقة اطلاقا بالعامية الاندلسية فللاندلسيين لغة عربية قريبة من المغاربية ... ولم تذكر الروائية اللغةالجديدة الخاصة التي كانت حصيلة تزاوج العربية بالقشتالية او تحايل الموريسكيين للابقاء على العربية ولو بشكل ما قشتالي .. ووجود مصطلحات غريبة قد تكون غير ذلك لمن يجيد الفصحى ... عدا ذلك اللغة جميلة وفصحى والاسلوب كله ادبي نثري وليس مجرد سرد لقصة .. فالعمل تاريخي تأريخي وفلسفي وأدبي .. لذلك فالمعتاد على نمط الرويات العادية سيبحث عن شيء لن يجده اولن يكفيه حبكة الرواية والرواية هنا حبكتها في تتابع الاجيال وتغير الاحوال والمصائر .. والقارئ للتاريخ سيظل يتابع وبتابع ويذهب ليدقق فامامه عمل كثير ليتابعه وهذه قوة للروائية .

 فلا تنسى ان القصة حقيقية وتحكي ملحمة انسانية حقيقية من افظع ما يكون وقد ذكرت معظم عناصر الملحمة منذ السقوط ببراعة ولم اشعر بانفصال عن جو الرواية واحداثها .. وانا احببت بعض الشخصيات جدا وتعاطفت معها مثل أم جعفر ومريمة ..

 يؤخذ عليها نقطتان الاولى النهايات الالحادية للابطال أسئلة وجودية بدون اجابات بشكل اوضح نهاية أبو جعفر بعد تعذيب وتنصير الفارس المجاهد حامد الثغري وحرق الكتب في الميادين .. يأس من رحمة الله ومات ودفن على الشريعة جميل ولكن هو قد كفر من كل نماذج النضال كان يمكن تجاوز هذا الخيال الى فكرة بعيدة عن العقيدة خصوصا ان مضرب المثل في تلك الملحمة المروعة هو التمسك بالعقيدة وآخرون التمسك بالعقيدة والأرض معا ..  ونهاية حفيدته التي عاشت تشك في وجود الله وجدوى الحياة وتسأل أس~لة فلسفية وجودية ولم تجيب عليها مع انها قارئة وقرأت حي بن يقظان والاجابات موجودة عند فلاسفة هذا العصر وما قبله في الاندلس او عند فلاسفة الشرق عموما هي صنعت شخصية شاكة غير مؤمنة ولما ؟

الثانية هي الجنس الغير مبرر ولا مطلوب اصلا .والاسترسال في وصف الاجسام والعلاقات كان سيء جدا وصادم  .. وان حذف لن يؤثر على جمال الرواية بل تكون متناسقة مع موضوعها وقيمتها وتكون اجمل وأقوى وأكثر قبولا .. ومع ذلك قد نتفهم   ايحاء ما كرمز لرسالة أعمق يعرض بشكل أدبي دون تفصيل فج  فتصل الرسالة دون مشاكل أخرى والمطلوب هو وصول الرسالة وأقصد الفتاة مكشوفة الشعر مقطعة الثياب التي ظهرت كطيف فار يجري هاربا او مستغيثا أمام ابو جعفر فهي غرناطة تجري عارية او تعرت بعد فقدان الاهل والسند فلم يبقى لها أحد مستضعفة فعروها ويحاولون النيل من شرفها وها هي تفر لتصون اخر ما تبقى .. ومشاهد بنات العرب في بيت المومسات ولا ادري كيف يكون بيت مومسات في مجتمع كاثوليكي متعصب يحرق البشر بالامر بسبب خطيئة ولكن هذا رمز لمدى الاسى والذل والقهر الذى وصل اليه حال المورسكيين .. اما ما عدا ذلك فهو مصطنع وغير مبرر  وغير مقبول ويسيء للرواية وموضوعها المهم ويجعلها حكرا على بعض الايديويوجيات .. فهي تعتبر استراحت جنسية لرواية تاريخية تتكلمعن مأساة انسانية اسلامية عربية .. فلما أفسدت تلك الرسالة بتلك الاستراحات الجنسية ؟ 

ولولا هذا الحشو الجنسي لرشحت الرواية لتكون مرجع تعليمي .. ولأسف لا تصلح للانها ستفسد من جانب ما اردنا ان نصلحه بها .. وبالتالي تحول العمل من قيمته الفوق ادبية الي مجرد عمل ادبي روائي وفقط .. فليبقى بين محبي الادب ويبتعد عن اي قيمة اخرى ..

وأخيرا والخلاصة أن للمؤلفة أيديولوجية وموقف عصري من قضايا العصر اسقطتها على رواية تاريخية ففي نفسها أشياء وآراء قالتها رمزا في صناعتها لأبطال الرواية ..  أحداثها الموازية لتاريخ الموريسكيين في غرناطة ....

Friday, January 7, 2022

الإنسان ,, الغاية المفقودة

الإنسان ...

   هو المعدن النادر .. وهو المعرفة المجهولة التي نسعى ورائها ونتوسلها بين الكتب وغير الكتب ، ، هو الكوكب المنتظر اكتشافه ، هو المدينة الطوبوية الأفلاطونية ، أو مدينة الله التي يبحث عنها ويبشر بها القديس أوغسطين ، هو الليل والنهار ، هو التعليم ، والتحصيل ، هو الغاية ... هذه زبدة المقال ؛  أنت هو الغاية ، أنت بؤرة حياتك.. والأهم بين جميع نشاطاتك من شروقك إلى الغروب .. 

   الإنسان هو محور الحياة  ليس لأنه الاهم بل لانه الأعقل ، كائن مفكر ، حر ، قادر على صنع أدواته بفاعلية لتنفعه هو نفسه ، وبيئته بالاضافة إلى غيره من جماد وحيوان ، ونبات ..الخ  ، فالانسان هو محور حياته هو ، وهذه هي الرسالة التي يجب أن يتبناها كل منا ، لا يوجد ما هو أهم منك لتتأمله وتدرسه ؛ وتبنيه على أسس سليمة من أجل غاية محددة واضحة ..مسلح بأدوات الحياة من معرفة ، وقدرة على التفكير .. 

   الإنسان هو الخليفة ..ليس الخليفة بمعنى ظل الله على الأرض وفعله ..ولكنه بمعنى المكلف بحمل الامانة واعمار الارض ، والعمل لصالحه .. ولصالح المجموع  .. أن يؤدي رسالته ضمن منهج أخلاقي رباني ، يتعاون فيه الأفراد على بناء مجتمع ناجح صحيح نفسيا ، وعقليا ،  وجسديا .. 

   الشاهد أنه الإنسان لا الحيوان ولا المادة .. اذا كان الانسان هو محور الاهتمام فبطبيعة الحال ستكون المادة وسيكون الحيوان والطير والنبات والجماد على عينه وبصره على عين وبصر انسان يعرف مهمته ويعرف رسالته ومبني على اساس قوي من العلوم اللازمة له لعقله وجسده وروحه ولرسالته ؛ لذلك في عصر التفاهة الذي نعيشه وقرن التفاهة العلمية والتتفيه الممنهج لا تنسى ان الانسان هو الاصل .. أنت اغلى من مستقبلك المهني . أنت المستقبل .. أنت أغلى من المال .. انت الحجر النادر .. والعملة الرابحة !!

وقد قالها اجدادنا ابني ابنك .. لا تبني له  !!

في عصرنا المادي ، الذي تغولت فيه المادة ،  وأصبح الكدح لا يتوقف كمارثون طويل ، من أجل الفوز ببضعة عملات ورقية .. هي نسبك وأصلك ووجاهتك .. ودرجتك العلمية ..  وقيمتك الاجتماعية  !! في هذا العصر .. نحن أحوج ألا ننحني للامر الواقع .. ولطبيعة العصر فتقول ما نفع ابني تعليمه؟! ان علمته ليكسب المال فلا ضير ..فأنت كلامك .. أما ان كنت بنيته هو من اجله هو ومن اجل رسالة نبيلة فكلامك ليس أنت فتراجع عنه .. 

   هذا الإنسان الذي يبحث عنه هذا المقال  .. هو انسان يعرف ما الغاية من وجوده..ما قيمته .. ما رسالته .. فيظهر له الطريق لا يستنزفه كثرة الطرق بما تبهر وتشتت .. وتأخذ منه أغلى ما يملك .. وقته ...

.

   وهذا من ينتبه من غفلته فيبصر .. ولا ينتبه الا من تأمل.. وتدرج في التأمل من الخلق العظيم للخالق الاعظم للانسان الفاني فيما اتي وفيما ذهب.. فيما عصر في معصرة الكبد .. بين الاضداد اليسر العسر الخير الشر الجميل القبيح الشروق الغروب .. فإذا انتبه وعرف رسالته وطريقة نشط فانجز في ساعة ما كاد ينجز في شهور .. واكتسب العزم .. وصنع عاداته التي تعينه .. بشكل عام الاعتقاد ضرورة لابد منها للاستفادة من الامكانيات ، نتيجة للتوازن الحاصل والتصالح  الروحي والمادي .. والاعتقاد مرحلة أساسية في رحلة الانسان للتعرف على نفسه وتخطيطه لبناء شخصيته  ، ثم مستقبله  كفرد ، ثم مساهمته مع المجموع .. 

   والسؤال الذي يطرح نفسه الآن .. هل يستوي هذا الانسان - كأب أو كأم كمثال أو كتطبيق -   مع هذا الغافل او هذا المقلد .. الذي يذهب مع العصر .. كيف يكون يكون هو .. كيف يلبسون يلبس ..ما الترند ما التقليعة ... يختارون له .. القدوات .. المثل .. النجوم.. المناهج.. الممنوع والمسموح .. يختارون له رسالته يشربها منهم دون وعي تربى عليها .. يختارون له مثله العليا  .. وهم على شدة الهالة المحيطة بهم كنجوم على الأرض .. ورغم الضجيج الحاصل .. ما هم  للمتأمل إلا كمقام الكسر لا يرى الا المقام .. هذا الانسان الواعي  على ما يعتقده لا يرى إلا المقام ، أما الانسان الحر المستقل المدرك لما يحدث حوله .. يرى الرقم الصحيح بسطه ومقامه ، لا ينخدع بعظم المقام !!

   وخلاصة المقال تأمل نفسك وابني الإنسان فيك.. من أجلك أنت ، جسدك ، رشاقته ، صحته ، استقامته ، لسانك ، طريقة نطقك ، فصاحتك أن تقول كلمات قصيرة يفهم بها المقصد مباشرة ، صحتك وعاداتك الصحية ، ثقافتك ، طريقة تفكيرك ، العلوم الأساسية التي تحتاجها من أجل رحلتك في الحياة كانسان على الأرض وفوق الأرض وبين بشر  ومخلوقات أخرى ، وليس كمعارف للمهنة أو الشهادة التي تعلق على الجدران او تطوى داخل الادراج !!!

    هذا الانسان السليم نفسيا وجسديا ، المصقل بالمبادئ والقيم ، وبالسمات الشخصية النبيلة من شجاعة وشهامة وايجابية وثبات انفعالي وحكمة ، وغيرها ، وعقلية مستنيرة مثقفة بحق .. هذا الانسان يخرج للمجتمع أبناء اغلى من الذهب بكل أوانه أبيض ، أسود ، أصفر ..

   تأمل .. اعطي لعقلك فرصة ليستريح من هذا الضجيج .. وهذا السباق .. فتأمل وتأمل .. ...

 وابحث عن ذاتك  .. تعرف على نفسك جيدا .. ثم تحرك بعقيدة واضحة وراسخة ..