Friday, January 7, 2022

الإنسان ,, الغاية المفقودة

الإنسان ...

   هو المعدن النادر .. وهو المعرفة المجهولة التي نسعى ورائها ونتوسلها بين الكتب وغير الكتب ، ، هو الكوكب المنتظر اكتشافه ، هو المدينة الطوبوية الأفلاطونية ، أو مدينة الله التي يبحث عنها ويبشر بها القديس أوغسطين ، هو الليل والنهار ، هو التعليم ، والتحصيل ، هو الغاية ... هذه زبدة المقال ؛  أنت هو الغاية ، أنت بؤرة حياتك.. والأهم بين جميع نشاطاتك من شروقك إلى الغروب .. 

   الإنسان هو محور الحياة  ليس لأنه الاهم بل لانه الأعقل ، كائن مفكر ، حر ، قادر على صنع أدواته بفاعلية لتنفعه هو نفسه ، وبيئته بالاضافة إلى غيره من جماد وحيوان ، ونبات ..الخ  ، فالانسان هو محور حياته هو ، وهذه هي الرسالة التي يجب أن يتبناها كل منا ، لا يوجد ما هو أهم منك لتتأمله وتدرسه ؛ وتبنيه على أسس سليمة من أجل غاية محددة واضحة ..مسلح بأدوات الحياة من معرفة ، وقدرة على التفكير .. 

   الإنسان هو الخليفة ..ليس الخليفة بمعنى ظل الله على الأرض وفعله ..ولكنه بمعنى المكلف بحمل الامانة واعمار الارض ، والعمل لصالحه .. ولصالح المجموع  .. أن يؤدي رسالته ضمن منهج أخلاقي رباني ، يتعاون فيه الأفراد على بناء مجتمع ناجح صحيح نفسيا ، وعقليا ،  وجسديا .. 

   الشاهد أنه الإنسان لا الحيوان ولا المادة .. اذا كان الانسان هو محور الاهتمام فبطبيعة الحال ستكون المادة وسيكون الحيوان والطير والنبات والجماد على عينه وبصره على عين وبصر انسان يعرف مهمته ويعرف رسالته ومبني على اساس قوي من العلوم اللازمة له لعقله وجسده وروحه ولرسالته ؛ لذلك في عصر التفاهة الذي نعيشه وقرن التفاهة العلمية والتتفيه الممنهج لا تنسى ان الانسان هو الاصل .. أنت اغلى من مستقبلك المهني . أنت المستقبل .. أنت أغلى من المال .. انت الحجر النادر .. والعملة الرابحة !!

وقد قالها اجدادنا ابني ابنك .. لا تبني له  !!

في عصرنا المادي ، الذي تغولت فيه المادة ،  وأصبح الكدح لا يتوقف كمارثون طويل ، من أجل الفوز ببضعة عملات ورقية .. هي نسبك وأصلك ووجاهتك .. ودرجتك العلمية ..  وقيمتك الاجتماعية  !! في هذا العصر .. نحن أحوج ألا ننحني للامر الواقع .. ولطبيعة العصر فتقول ما نفع ابني تعليمه؟! ان علمته ليكسب المال فلا ضير ..فأنت كلامك .. أما ان كنت بنيته هو من اجله هو ومن اجل رسالة نبيلة فكلامك ليس أنت فتراجع عنه .. 

   هذا الإنسان الذي يبحث عنه هذا المقال  .. هو انسان يعرف ما الغاية من وجوده..ما قيمته .. ما رسالته .. فيظهر له الطريق لا يستنزفه كثرة الطرق بما تبهر وتشتت .. وتأخذ منه أغلى ما يملك .. وقته ...

.

   وهذا من ينتبه من غفلته فيبصر .. ولا ينتبه الا من تأمل.. وتدرج في التأمل من الخلق العظيم للخالق الاعظم للانسان الفاني فيما اتي وفيما ذهب.. فيما عصر في معصرة الكبد .. بين الاضداد اليسر العسر الخير الشر الجميل القبيح الشروق الغروب .. فإذا انتبه وعرف رسالته وطريقة نشط فانجز في ساعة ما كاد ينجز في شهور .. واكتسب العزم .. وصنع عاداته التي تعينه .. بشكل عام الاعتقاد ضرورة لابد منها للاستفادة من الامكانيات ، نتيجة للتوازن الحاصل والتصالح  الروحي والمادي .. والاعتقاد مرحلة أساسية في رحلة الانسان للتعرف على نفسه وتخطيطه لبناء شخصيته  ، ثم مستقبله  كفرد ، ثم مساهمته مع المجموع .. 

   والسؤال الذي يطرح نفسه الآن .. هل يستوي هذا الانسان - كأب أو كأم كمثال أو كتطبيق -   مع هذا الغافل او هذا المقلد .. الذي يذهب مع العصر .. كيف يكون يكون هو .. كيف يلبسون يلبس ..ما الترند ما التقليعة ... يختارون له .. القدوات .. المثل .. النجوم.. المناهج.. الممنوع والمسموح .. يختارون له رسالته يشربها منهم دون وعي تربى عليها .. يختارون له مثله العليا  .. وهم على شدة الهالة المحيطة بهم كنجوم على الأرض .. ورغم الضجيج الحاصل .. ما هم  للمتأمل إلا كمقام الكسر لا يرى الا المقام .. هذا الانسان الواعي  على ما يعتقده لا يرى إلا المقام ، أما الانسان الحر المستقل المدرك لما يحدث حوله .. يرى الرقم الصحيح بسطه ومقامه ، لا ينخدع بعظم المقام !!

   وخلاصة المقال تأمل نفسك وابني الإنسان فيك.. من أجلك أنت ، جسدك ، رشاقته ، صحته ، استقامته ، لسانك ، طريقة نطقك ، فصاحتك أن تقول كلمات قصيرة يفهم بها المقصد مباشرة ، صحتك وعاداتك الصحية ، ثقافتك ، طريقة تفكيرك ، العلوم الأساسية التي تحتاجها من أجل رحلتك في الحياة كانسان على الأرض وفوق الأرض وبين بشر  ومخلوقات أخرى ، وليس كمعارف للمهنة أو الشهادة التي تعلق على الجدران او تطوى داخل الادراج !!!

    هذا الانسان السليم نفسيا وجسديا ، المصقل بالمبادئ والقيم ، وبالسمات الشخصية النبيلة من شجاعة وشهامة وايجابية وثبات انفعالي وحكمة ، وغيرها ، وعقلية مستنيرة مثقفة بحق .. هذا الانسان يخرج للمجتمع أبناء اغلى من الذهب بكل أوانه أبيض ، أسود ، أصفر ..

   تأمل .. اعطي لعقلك فرصة ليستريح من هذا الضجيج .. وهذا السباق .. فتأمل وتأمل .. ...

 وابحث عن ذاتك  .. تعرف على نفسك جيدا .. ثم تحرك بعقيدة واضحة وراسخة ..